شاب لازال في الحضانه
صفحة 1 من اصل 1
شاب لازال في الحضانه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هل تتصور أن ترى شاباً في سنّك يعيش داخل الحضانة المخصّصة للأطفال غير كاملي النمو، أولئك الذين خرجوا للحياة على عجل، قبل أن تحين الأوقات المتوقعة لميلادهم؟
أراك تبدو مندهشاً من تساؤلي، وتجيبني مستنكراً: بالطبع لا.
ومع تقبّلي لاستنكارك الرافض لمنطق هذا السؤال؛ غير أني أؤكد لك أن هذا يحدث بشكل أو بآخر لمعظمنا!
حضانة خاصة جداً
إن تلك الحضانة التي تحاصرنا جدرانها لسنوات طويلة تتعدى مرحلة الطفولة، تتمثل في الخوف الزائد من الأهل على أولادهم، والإصرار على إحاطتهم بسُبُل الرعاية المبالغ فيها؛ فترى أمامك شاباً يبدو مكتمل الرجولة، قد فُتلت عضلاته، واشتدت قامته، ومع ذلك لم يألف الاعتماد على نفسه، ويخشى المواجهة، ولا يتحمل المواقف الصعبة (بالبلدي كده: يغرق في شِبر مية).
فالكثير من شبابنا وفتياتنا، على الرغم من كونهم في مراحل التعليم الأخيرة، أو قد أنهوا دراستهم؛ فإنهم ما زالوا متّصلين بأنابيب تُمِدهم بأكسير الحياة من الأهل.. وفجأة يجدون أنفسهم مطالبين بخوض غمار الحياة العملية، بكل ما فيها من تقلّب وعناء وقسوة.
وعندما "يضربوا لخمة" ولا يعرفون ماذا يفعلون لأنهم لم يُدَرّبوا أو يُعَدوا للمواجهة؛ على الفور تُوَجّه إليهم أصابع الاتهام، ويتمّ لومهم على ضعفهم وهشاشتهم، ويُنعتون بأبشع الصفات التي ترمز للتخاذل والوَهَن.. وكأنّ من ينتقدونهم لم يكونوا هم السبب المباشر في تلك الحالة التي بات عليها أبناؤهم.
الطفولة المتأخرة والهروب من المسئولية
إن هذه المشكلة خير من يحدّثك عنها هم أساتذة الجامعة الشاكون مُرّ الشكوى من أنهم يتعاملون في الجامعة مع أطفال في الروضة، ونادراً ما يجدون شباباً تتناسب أعمارهم مع أفعالهم.
وإذا كان أساتذة الجامعة مبالغين -كما أسمع البعض يهمس بذلك- فرجال الأعمال ومديرو المشاريع يجهرون بشكوى مماثلة، ويقولون إنهم يجدون صعوبة بالغة في إيجاد شخص يصلح للعمل معهم، وإذا وجدوا، تكون كل أمانيهم أن ينجح في الصمود ليوم كامل دون التحجّج بالذهاب إلى المرحاض أو شحن رصيد المحمول، ثم "الزوغان" السريع على البيت.
إن الأهل الذين يُغلقون على أولادهم الأبواب والنوافذ، وينوبون عنهم في حل مشكلاتهم، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً؛ يتناسون أن الطفل لا يتعلم المشي بغير السقوط المتكرر، وأن القوارب والسفن ستكون في أمان تامّ لو بقيت راسية على أرصفة الميناء للأبد؛ ولكنها لم تُصنع لذلك.
اهرب للنجاح
لو كنتَ أيها الشاب من أولئك الذين وُضعوا في الحضانة لفترات أطول من اللازم؛ فقد حان الوقت لتخرج منها؛ ولكن حاول ألا تصطدم بالأهل، وإذا فشلت في إقناعهم بالكلمات؛ فاترك نجاحك يفعل ذلك؛ فما من أحد سطّر اسمه في سجل الخالدين، وترك بصمات مجّدت ذكراه؛ إلا بعدما نجح في الخروج من الحضانة..
فها هما الأخوان "رايت" يفتتحان في شبابهما محلاً لتصليح الدراجات، يوفّران من خلاله مصروفاتهم الأساسية، إلى جانب بعض المال الذي يحتاجانه لتمويل تجارب الطيران التي يقومان بها؛ معتمديْن على نفسيهما؛ حتى وُفّقا في تصنيع أول طائرة، وحلّقا بها أمام الأعين المحدّقة والعقول غير المصدقة.
ومن قبلهما لم يترك "كارل درايس" نفسه أسيراً لتدليل أسرته الحاكمة بمدينة "مانهايم" الألمانية في أوائل القرن التاسع عشر، ورفض كل ما يكبّل قدراته؛ حتى لو كان لقب "بارون"، ومعه مِنحة تُصرَف بشكل دوري.. رفض هذا وذاك لأن المقابل أن يترك حلمه في الحصول على براءة اختراع لآلة عجيبة سمّاها حينها بـ"آلة العَدْو"، وعرفت بعد ذلك بـالدراجة.
وبالتأكيد أنت تعرف جيداً "مايكل دِل" الذي بدأ حياته العملية وهو في المرحلة الابتدائية ببيع الطوابع، ثم طوّر تجارته إلى أن وصل إلى تجميع أجهزة الحواسب الشخصية؛ فبات الرجل من أنجح شخصيات العالم المعاصرة؛ لأنه نجح في الخروج من الحضانة مبكراً.
لحظة ميلادك الحقيقية
إنني أستطيع القول بأن نجاح المرء في الحياة مرهون بلحظة خروجه من الشرنقة الحريرية التي يضعه فيها الأهل.. وتأخّر نجاح المرء ربما توقّف بشكل أساسي على تأخره في الاعتماد على نفسه؛ فتقدم أيها الشاب وكفاك نوماً داخل الحضانة؛ لأن هذا التدليل لن يدوم للأبد.
إن لحطة ميلادك الحقيقية هي يوم أن تتحمل مسئولية وجودك في الحياة، ولن يكون هناك مبرر مقبول لتأخّر ظهورك، الذي لو حدث؛ فإن الكل سينتقدك ويوجّه لك وحدك أصابع الاتهام، وسيكون عليك وقتها أن تبدأ في الاعتماد على نفسك؛ سواء كان ذلك غداً أو بعد عدة سنوات.. وبما أن تلك اللحظة آتية -عاجلاً أم آجلاً- فلماذا لا تكون الآن؟
إذا كنت قد قررت ذلك فأرجو أن تخبرني، وإذا كنت قد اتّخذت هذا القرار منذ فترة؛ فلا تبخل علينا بنبذة من تجربتك؛ لعلك تُساعد شاباً مصرياً آخر في أن يحذو حذوك ويخرج من الحضانه
هل تتصور أن ترى شاباً في سنّك يعيش داخل الحضانة المخصّصة للأطفال غير كاملي النمو، أولئك الذين خرجوا للحياة على عجل، قبل أن تحين الأوقات المتوقعة لميلادهم؟
أراك تبدو مندهشاً من تساؤلي، وتجيبني مستنكراً: بالطبع لا.
ومع تقبّلي لاستنكارك الرافض لمنطق هذا السؤال؛ غير أني أؤكد لك أن هذا يحدث بشكل أو بآخر لمعظمنا!
حضانة خاصة جداً
إن تلك الحضانة التي تحاصرنا جدرانها لسنوات طويلة تتعدى مرحلة الطفولة، تتمثل في الخوف الزائد من الأهل على أولادهم، والإصرار على إحاطتهم بسُبُل الرعاية المبالغ فيها؛ فترى أمامك شاباً يبدو مكتمل الرجولة، قد فُتلت عضلاته، واشتدت قامته، ومع ذلك لم يألف الاعتماد على نفسه، ويخشى المواجهة، ولا يتحمل المواقف الصعبة (بالبلدي كده: يغرق في شِبر مية).
فالكثير من شبابنا وفتياتنا، على الرغم من كونهم في مراحل التعليم الأخيرة، أو قد أنهوا دراستهم؛ فإنهم ما زالوا متّصلين بأنابيب تُمِدهم بأكسير الحياة من الأهل.. وفجأة يجدون أنفسهم مطالبين بخوض غمار الحياة العملية، بكل ما فيها من تقلّب وعناء وقسوة.
وعندما "يضربوا لخمة" ولا يعرفون ماذا يفعلون لأنهم لم يُدَرّبوا أو يُعَدوا للمواجهة؛ على الفور تُوَجّه إليهم أصابع الاتهام، ويتمّ لومهم على ضعفهم وهشاشتهم، ويُنعتون بأبشع الصفات التي ترمز للتخاذل والوَهَن.. وكأنّ من ينتقدونهم لم يكونوا هم السبب المباشر في تلك الحالة التي بات عليها أبناؤهم.
الطفولة المتأخرة والهروب من المسئولية
إن هذه المشكلة خير من يحدّثك عنها هم أساتذة الجامعة الشاكون مُرّ الشكوى من أنهم يتعاملون في الجامعة مع أطفال في الروضة، ونادراً ما يجدون شباباً تتناسب أعمارهم مع أفعالهم.
وإذا كان أساتذة الجامعة مبالغين -كما أسمع البعض يهمس بذلك- فرجال الأعمال ومديرو المشاريع يجهرون بشكوى مماثلة، ويقولون إنهم يجدون صعوبة بالغة في إيجاد شخص يصلح للعمل معهم، وإذا وجدوا، تكون كل أمانيهم أن ينجح في الصمود ليوم كامل دون التحجّج بالذهاب إلى المرحاض أو شحن رصيد المحمول، ثم "الزوغان" السريع على البيت.
إن الأهل الذين يُغلقون على أولادهم الأبواب والنوافذ، وينوبون عنهم في حل مشكلاتهم، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً؛ يتناسون أن الطفل لا يتعلم المشي بغير السقوط المتكرر، وأن القوارب والسفن ستكون في أمان تامّ لو بقيت راسية على أرصفة الميناء للأبد؛ ولكنها لم تُصنع لذلك.
اهرب للنجاح
لو كنتَ أيها الشاب من أولئك الذين وُضعوا في الحضانة لفترات أطول من اللازم؛ فقد حان الوقت لتخرج منها؛ ولكن حاول ألا تصطدم بالأهل، وإذا فشلت في إقناعهم بالكلمات؛ فاترك نجاحك يفعل ذلك؛ فما من أحد سطّر اسمه في سجل الخالدين، وترك بصمات مجّدت ذكراه؛ إلا بعدما نجح في الخروج من الحضانة..
فها هما الأخوان "رايت" يفتتحان في شبابهما محلاً لتصليح الدراجات، يوفّران من خلاله مصروفاتهم الأساسية، إلى جانب بعض المال الذي يحتاجانه لتمويل تجارب الطيران التي يقومان بها؛ معتمديْن على نفسيهما؛ حتى وُفّقا في تصنيع أول طائرة، وحلّقا بها أمام الأعين المحدّقة والعقول غير المصدقة.
ومن قبلهما لم يترك "كارل درايس" نفسه أسيراً لتدليل أسرته الحاكمة بمدينة "مانهايم" الألمانية في أوائل القرن التاسع عشر، ورفض كل ما يكبّل قدراته؛ حتى لو كان لقب "بارون"، ومعه مِنحة تُصرَف بشكل دوري.. رفض هذا وذاك لأن المقابل أن يترك حلمه في الحصول على براءة اختراع لآلة عجيبة سمّاها حينها بـ"آلة العَدْو"، وعرفت بعد ذلك بـالدراجة.
وبالتأكيد أنت تعرف جيداً "مايكل دِل" الذي بدأ حياته العملية وهو في المرحلة الابتدائية ببيع الطوابع، ثم طوّر تجارته إلى أن وصل إلى تجميع أجهزة الحواسب الشخصية؛ فبات الرجل من أنجح شخصيات العالم المعاصرة؛ لأنه نجح في الخروج من الحضانة مبكراً.
لحظة ميلادك الحقيقية
إنني أستطيع القول بأن نجاح المرء في الحياة مرهون بلحظة خروجه من الشرنقة الحريرية التي يضعه فيها الأهل.. وتأخّر نجاح المرء ربما توقّف بشكل أساسي على تأخره في الاعتماد على نفسه؛ فتقدم أيها الشاب وكفاك نوماً داخل الحضانة؛ لأن هذا التدليل لن يدوم للأبد.
إن لحطة ميلادك الحقيقية هي يوم أن تتحمل مسئولية وجودك في الحياة، ولن يكون هناك مبرر مقبول لتأخّر ظهورك، الذي لو حدث؛ فإن الكل سينتقدك ويوجّه لك وحدك أصابع الاتهام، وسيكون عليك وقتها أن تبدأ في الاعتماد على نفسك؛ سواء كان ذلك غداً أو بعد عدة سنوات.. وبما أن تلك اللحظة آتية -عاجلاً أم آجلاً- فلماذا لا تكون الآن؟
إذا كنت قد قررت ذلك فأرجو أن تخبرني، وإذا كنت قد اتّخذت هذا القرار منذ فترة؛ فلا تبخل علينا بنبذة من تجربتك؛ لعلك تُساعد شاباً مصرياً آخر في أن يحذو حذوك ويخرج من الحضانه
محمودعاطف- عدد المساهمات : 117
تاريخ التسجيل : 03/02/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى