انقذ جده بذكاءه
صفحة 1 من اصل 1
انقذ جده بذكاءه
محمد صبي في العاشرة من عمره ، يعيش مع أمه و أبيه و جده
في منزل كبير حياة سعيدة هنيئة
كان صبيا مجتهدا في دراسته ، محبا لأسرته
مطيعا للكبار ، حريصا على الصلاة في أوقاتها
و كان يحب جده العجوز كثيرا و يقضي معه معظم وقته
يتجاذبان أطراف الحديث و يتسامران و يتضاحكان .
في أحد الأيام بعد أن انتهى محمد في واجباته المنزلية
و أنهى جميع ما عليه من دروس ، ذهب كعادته إلى غرفة جده
و سلم عليه و جلس معه يحدثه عما تعلمه في المدرسة من أمور ..
دخل والد محمد على والده و ابنه الدار و ألقى التحية عليهما ثم جلس نائيا
و التزم الصمت لبرهة قصيرة و كأن أمرا ما يشغل باله ، سأله أبوه برفق :
- ما بك يا ولدي تبدو منشغل البال .. هل هناك ما تود أن تخبرني به ؟
رد أبو محمد : الحقيقة يا أبي أنني أراك وحيدا طوال الوقت ..
و أخشى أن تسبب لك هذه العزلة الحزن و الاكتئاب
فلماذا لا تحاول أن تكون بعض الصداقات مع غيرك ؟
استغرب كلا من الجد ومحمدمن هذا السؤال ، فهذه هي المرة الأولى
التي يطرح فيها هذا الموضوع .
قال الجد : ماذا تحاول أن تقول يا بني ؟
رد أبو محمد : لقد أخبرني أصحابي عن دار يجتمع فيها الكثير من الشيوخ
و الرجال للسمر و تكوين الصداقات و الترويح عن النفس بالأحاديث اللطيفة
فما رأيك لو ذهبنا غدا إلى هناك ؟
بدا الأمر لمحمد غريبا مثيرا للشك ، فهو لم يسمع بهذه الدار من قبل
إلا أن جده أبدى حماسة شديدة لهذا الأمر الذي بدا لهو مشوقا و مثيرا ..
قال الجد و الحماسة تلمع في عينيه : خذني إليها غدا يا ولدي إن استطعت .
ابتسم أبو محمد ابتسامة غريبة و قال : حسنا .. ليكن !
و لكن محمد .. ما زال مرتابا بخصوص هذه الدار .. فلماذا يكون سرها يا ترى ؟
قال محمد لأبيه : هل تأذن لي بمرافقتكم يا أبي ؟
تجهم وجه الأب و قال : لا يمكنك أن تأتي معنا ، الأفضل أن تباشر دروسك ..
تدخل الجد بمرح كعادته قائلا : يمكنك أن تأتي معنا يا صغيري محمد إذا أنهيت دروسك باكرا .
و هكذا كان .. حرص محمد على أن ينهي واجباته و دروسه بسرعة
و عندما حان موعد الانطلاق كان أكثرهم استعدادا و فضولا لكشف
سر " الدار " التي تحدث عنها والده .
و ركب ثلاثتهم السيارة و انطلقوا في طريقهم ، كان الجد منتشيا مسرورا
و كان محمد متوجسا متشككا يكاد الفضول يقتله
في حين كان الأب – و يا للعجب – متوترا عصبيا منزعجا .. ترى ما السبب ؟
كانت الطريق التي سلكتها السيارة طويلة جدا ، و لكنهم وصلوا أخيرا ..
و فعلا ، رأى محمد الدار التي تحدث عنها والده
و كان فيها الكثير من الشيوخ و العجائز الذين سرعان
ما وجد الجد مكانا بينهم ، و كانت هناك لائحة كبيرة معلقة على باب الدار كتب عليها
بخط أسود عريض (( دار العجزة و المسنين )) !!
دهش محمد مما رآه ، هل كان والده يقصد التخلص من الجد العجوز بنقله إلى دار العجزة ؟
هل يعقل ذلك ؟ لماذا يتخلى الإبن عن أبيه الذي لم يتخلى عنه قط ؟
تساؤلات حائرة ثارت في عقل محمد الذي تملكه القلق الشديد و الخوف
على جده المسكين ، أما بالنسبة للأب فما إن رأى أن الجد قد استقر في مكانه
و انغمس في الحديث مع غيره حتى شد محمد من يده و غادر الدار .. !
أدرك محمد أن والده يريد التخلص من الجد العجوز ، و سرعان ما فكر بطريقة ذكية لإنقاذ جده
و لكن الوقت لا يسعفه ، فسرعان ما انطلقت السيارة به و بوالده تشق طريقها قافلة إلى المنزل .
كان الأب متوترا و كأنه يتحاشى خوض حديث مع ابنه الذي بادر و سأله :
- أبي .. أين جدي ؟
- تركناه في الدار .
- لماذا ؟
- لأنها مكان الكبار .
لزم محمد الصمت لبرهة ثم قال : أبي .. ما اسم هذا الشارع ؟
رد الأب بضجر : شارع (السعادة) .
- و ما اسم هذه المنطقة ؟
- منطقة ( الشهيد )
- و ما اسم ..
قاطعه الأب بحدة و ضجر و صرخ فيه : أما من نهاية لهذه الأسئلة المزعجة !
لماذا تسأل عن هذه الأمور ؟!
رد محمد بهدوء و دهاء : أريد أن أسأل عن العنوان حتى أحضرك إلى هنا
عندما تكبر كما أحضرت جدي ، أولم تقل بأن هذا مكان الكبار ؟
أصيب الأب بذهول مفرط حتى أنه عجز عن قيادة السيارة و أوقفها جانب
الطريق و راح يحدق في ابنه بدهشة و بلسان معقود لا يدري ماذا يقول ..
و فوجئ محمد بأبيه يغطي وجهه بكفيه و يبكي ندما و هو يردد " سامحني يا أبي ! "
جزع محمد من بكاء أبيه و لكنه أدرك أنه ندم على تخليه عن أبيه في كبره و إلقائه في دار العجزة
وضع محمد يده على كتف أبيه و قال : أبي .. أرجوك .. لنعد إلى جدي و نأخذه معنا إلى البيت .
و لم يملك الأب أمام براءة محمد و نقاء قلبه و بره بجده إلا أن ينفذ ما طلبه
عاد الأب و قبل يد والده ندما – و إن كان الجد لا يعرف سببا لذلك !
المهم فقط ، أن أبا محمد قد تعلم شيئا من ابنه الذكي ذو العشرة أعوام ، و هو وجوب البر و الوفاء للآباء ..
قال تعالى " و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا..
في منزل كبير حياة سعيدة هنيئة
كان صبيا مجتهدا في دراسته ، محبا لأسرته
مطيعا للكبار ، حريصا على الصلاة في أوقاتها
و كان يحب جده العجوز كثيرا و يقضي معه معظم وقته
يتجاذبان أطراف الحديث و يتسامران و يتضاحكان .
في أحد الأيام بعد أن انتهى محمد في واجباته المنزلية
و أنهى جميع ما عليه من دروس ، ذهب كعادته إلى غرفة جده
و سلم عليه و جلس معه يحدثه عما تعلمه في المدرسة من أمور ..
دخل والد محمد على والده و ابنه الدار و ألقى التحية عليهما ثم جلس نائيا
و التزم الصمت لبرهة قصيرة و كأن أمرا ما يشغل باله ، سأله أبوه برفق :
- ما بك يا ولدي تبدو منشغل البال .. هل هناك ما تود أن تخبرني به ؟
رد أبو محمد : الحقيقة يا أبي أنني أراك وحيدا طوال الوقت ..
و أخشى أن تسبب لك هذه العزلة الحزن و الاكتئاب
فلماذا لا تحاول أن تكون بعض الصداقات مع غيرك ؟
استغرب كلا من الجد ومحمدمن هذا السؤال ، فهذه هي المرة الأولى
التي يطرح فيها هذا الموضوع .
قال الجد : ماذا تحاول أن تقول يا بني ؟
رد أبو محمد : لقد أخبرني أصحابي عن دار يجتمع فيها الكثير من الشيوخ
و الرجال للسمر و تكوين الصداقات و الترويح عن النفس بالأحاديث اللطيفة
فما رأيك لو ذهبنا غدا إلى هناك ؟
بدا الأمر لمحمد غريبا مثيرا للشك ، فهو لم يسمع بهذه الدار من قبل
إلا أن جده أبدى حماسة شديدة لهذا الأمر الذي بدا لهو مشوقا و مثيرا ..
قال الجد و الحماسة تلمع في عينيه : خذني إليها غدا يا ولدي إن استطعت .
ابتسم أبو محمد ابتسامة غريبة و قال : حسنا .. ليكن !
و لكن محمد .. ما زال مرتابا بخصوص هذه الدار .. فلماذا يكون سرها يا ترى ؟
قال محمد لأبيه : هل تأذن لي بمرافقتكم يا أبي ؟
تجهم وجه الأب و قال : لا يمكنك أن تأتي معنا ، الأفضل أن تباشر دروسك ..
تدخل الجد بمرح كعادته قائلا : يمكنك أن تأتي معنا يا صغيري محمد إذا أنهيت دروسك باكرا .
و هكذا كان .. حرص محمد على أن ينهي واجباته و دروسه بسرعة
و عندما حان موعد الانطلاق كان أكثرهم استعدادا و فضولا لكشف
سر " الدار " التي تحدث عنها والده .
و ركب ثلاثتهم السيارة و انطلقوا في طريقهم ، كان الجد منتشيا مسرورا
و كان محمد متوجسا متشككا يكاد الفضول يقتله
في حين كان الأب – و يا للعجب – متوترا عصبيا منزعجا .. ترى ما السبب ؟
كانت الطريق التي سلكتها السيارة طويلة جدا ، و لكنهم وصلوا أخيرا ..
و فعلا ، رأى محمد الدار التي تحدث عنها والده
و كان فيها الكثير من الشيوخ و العجائز الذين سرعان
ما وجد الجد مكانا بينهم ، و كانت هناك لائحة كبيرة معلقة على باب الدار كتب عليها
بخط أسود عريض (( دار العجزة و المسنين )) !!
دهش محمد مما رآه ، هل كان والده يقصد التخلص من الجد العجوز بنقله إلى دار العجزة ؟
هل يعقل ذلك ؟ لماذا يتخلى الإبن عن أبيه الذي لم يتخلى عنه قط ؟
تساؤلات حائرة ثارت في عقل محمد الذي تملكه القلق الشديد و الخوف
على جده المسكين ، أما بالنسبة للأب فما إن رأى أن الجد قد استقر في مكانه
و انغمس في الحديث مع غيره حتى شد محمد من يده و غادر الدار .. !
أدرك محمد أن والده يريد التخلص من الجد العجوز ، و سرعان ما فكر بطريقة ذكية لإنقاذ جده
و لكن الوقت لا يسعفه ، فسرعان ما انطلقت السيارة به و بوالده تشق طريقها قافلة إلى المنزل .
كان الأب متوترا و كأنه يتحاشى خوض حديث مع ابنه الذي بادر و سأله :
- أبي .. أين جدي ؟
- تركناه في الدار .
- لماذا ؟
- لأنها مكان الكبار .
لزم محمد الصمت لبرهة ثم قال : أبي .. ما اسم هذا الشارع ؟
رد الأب بضجر : شارع (السعادة) .
- و ما اسم هذه المنطقة ؟
- منطقة ( الشهيد )
- و ما اسم ..
قاطعه الأب بحدة و ضجر و صرخ فيه : أما من نهاية لهذه الأسئلة المزعجة !
لماذا تسأل عن هذه الأمور ؟!
رد محمد بهدوء و دهاء : أريد أن أسأل عن العنوان حتى أحضرك إلى هنا
عندما تكبر كما أحضرت جدي ، أولم تقل بأن هذا مكان الكبار ؟
أصيب الأب بذهول مفرط حتى أنه عجز عن قيادة السيارة و أوقفها جانب
الطريق و راح يحدق في ابنه بدهشة و بلسان معقود لا يدري ماذا يقول ..
و فوجئ محمد بأبيه يغطي وجهه بكفيه و يبكي ندما و هو يردد " سامحني يا أبي ! "
جزع محمد من بكاء أبيه و لكنه أدرك أنه ندم على تخليه عن أبيه في كبره و إلقائه في دار العجزة
وضع محمد يده على كتف أبيه و قال : أبي .. أرجوك .. لنعد إلى جدي و نأخذه معنا إلى البيت .
و لم يملك الأب أمام براءة محمد و نقاء قلبه و بره بجده إلا أن ينفذ ما طلبه
عاد الأب و قبل يد والده ندما – و إن كان الجد لا يعرف سببا لذلك !
المهم فقط ، أن أبا محمد قد تعلم شيئا من ابنه الذكي ذو العشرة أعوام ، و هو وجوب البر و الوفاء للآباء ..
قال تعالى " و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا..
محمودعاطف- عدد المساهمات : 117
تاريخ التسجيل : 03/02/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى